تيقن (زنبيل الفتنة) أن شرارة الخلاف سهل توليعها بين القريتين؛ طالما القرى حطت الشداد، ونزّلت العِداد؛ فالتقط مشعابه العُتم الذي يسميه (شرّاب الدم) على كتفه؛ وهبط السوق؛ و ما ارتد نسمته إلا في دكان (حميد) ملتقى الهباطة، في البرحة العليا؛ بجوار مقهى الفوّال؛ ولأن (حميد) أمين وصادق؛ يتوافد القرويون من كل الجهات؛ يودعون الودائع عنده؛ ويؤمّنون مقاضيهم إلى أن يحين موعد صدورهم، وهم يأخذون علم، ويعطون علم ؛ دخل (أبو شنب) بسفرة فيها لحمة، وسمنة قطران، وغراز؛ وحوايج؛ ووضعها في ركن، وقال باقي لي شوية مقاضي يا عم حميد، باستوفيها وأجيك.
ما أمداه يتخطى العتبة؛ إلا و(زنبيل الفتنة) يشده من قفاته، لزمه بيده اليسار، ومشى به إلى أن وصل مرباطة الحمير؛ تحت فئ السدرة المظللة حيزاً من السوق، فطلب منه يلف له سيجارة، و مع نفخ الدخان؛ قال فيك من حفظ السر؛ فقال (أبو شنب) أفا؛ السدّ يعنى الله؛ قال؛ شيخك اللي تتمدح به، ظلم جدك، واحتاق عليه محرثة نهار؛ وآخرتها ليلة اللعب في بيت مرزوق؛ يوم قال الشاعر (الحبلة ذا خُصلها بين ناهب ومنهوب؛ زبيبها راح للسمار وتفكهو به) ساعتها أركبك اللمح وهو يضحك؛ فسأله؛ وش في القصيدة؟ فجاوبه؛ يقصد حرمة تزوجها جدك الله واليها؛ وكان ريقها حالي، وبعدما تيقن أنه شحن (أبو شنب) وعبّاه على الشيخ؛ قال منين تسمع، تراك لا شفتني ولا شفتك.
عوّد (أبو شنب) لدكان حميد وخاطره متخبّث؛ عجز أن يستوفي مقاضيه. فلقط سفرته، ويمم نحو القرية، ومن شدة انفعاله كانت زنوبته تقتش الحجارة من الحيلة؛ وتحاذف بها وهو ما يشعر؛ وقف في طرف الوادي؛ يريق الما؛ وما ارتد ثوبه؛ إلا والشيخ وراه صادر على حمارته؛ فاستوقفه، ولزم بخطام المشدود؛ وقال بصوت مسموع؛ يا كبر فشلتنا معك؛ حمانا مارود؛ وجدارنا مهدود؛ وحظنا منكود؛ وما تأخذ حق جماعتك؛ من جيران السوء اللي يتمهزون بنا، ولا أستبعد إنهم دهنوا سيرك في الغداري، وتحسب ما حد داري، فقال الشيخ؛ ما بتسمع مني ردود في علمك إلا في البيت؛ على دلة قهوة وما قِسم، فحلف ما يدخل بيته؛ بعدما فزر صف جماعته؛ وخلاهم ضُحكة الشامتين، وأضاف؛ وهو مقفّي؛ أرخصتنا لنك ضاري بالرخاصة؛ الله يرخصك.
ساق الشيخ حمارته وواصل مصداره وهو متبسّم؛ ويردد (ما ضرت المقتول طعنة) يا كم جاني من ربعي، لكن ما عد معي غير ربعي جماعة، وحزر في نفسه أن وراء (أبو شنب) حُراش (زنبيل الفتنة) وعندما دخل ساحة البيت؛ ربط الحمارة في صكاك مجاور للمذود؛ واحتط الخُرج من فوقها، ومدّ به لزوجته؛ لتخرج منه المقاضي، وافترش جاعداً في الدرجة؛ وقصّد (وإذا رجعت البيت يدري الله بحالي) فسمعه الفقيه وهو معدّي؛ فقال؛ القهوة راشقة خذ لك فنجال، فأقبل عليه، ومن ملامح الشيخ عرف أن خاطره متكدر، فقال؛ يا شيخنا ودي أشكي عليك من حرمة عندي، فقال؛ خير ما قد خبرتك جيت تشتكي يا فقيه، فقال؛ جدك الله واليها زار أهلها؛ في مندر الفيض، وكانوا راعين حلال؛ ويوم توسّد شيبتكم حطوا قدامه سمن؛ وقطعت عينه في الباب؛ ينتظر التمر، وما ثبّى ولا عبّى إلا والرحيم داخل عليه بصحن تين مقرّش؛ حطه قدامه وقال تخفّس، فانفرجت أسارير الشيخ وضحك لين دمّعت عيونه.
حضرت القهوة، فقال الشيخ؛ ذلحين أنا باشكي عليك، من سفيه تلقاني؛ وأنا صادر وتخزى بكلام يسوّد وجهه، فسأله؛ وش رديت عليه؛ علّق وش رديت عزمته للقهوة وأبى، قال الفقيه؛ ليش ما لطمته؟ فقال وين ألطمه ومشعابه أطول مني! فكاد يضحك الفقيه، ثم قال؛ احلق عارضي إن كان ما وراه (زنبيل الفتنة) فردّ الشيخ؛ أدري ولكن أنا شيخ، ولد شيخ، حفيد شيخ؛ ما احط عقلي بعقل غاوي؛ إن لطمته قالوا يتقوى على ضعيف، وإن خليته يضربني ضاعت هيبتي بين ربعي؛ وإن كان بيرخص شنبه، ما بارخص لحيتي.
انطلق الشنب؛ إلى قرية (زنبيل الفتنة) وأبلغه بما جا، وما جرى منه على شيخهم؛ وقال تراني أغديت ملحه ما يملح وخليت وجهه كما تيه وأشار بثلاثة من أصابع كفه؛ فصفق (زنبيل الفتنة) بكفه على جبهته؛ وسأله بذمتك قلت هذا الكلام؟ قال والله لقلته ثم قلته؛ وشيخك باصم ما يخاصم، وذلحين جيتك تقدّيني؛ وتعلمني وش البُصر في هذي النشبة اللي أنشبتني فيها؛ فعلّق؛ ما عليك زي ما أنشبتك أطلّعك، وأقديت وليتك زدتاه ما شفنا منه ما يسر الخاطر؛ ما هلا يتصيبى ويتطرد العرضات، وأوصاه ؛ يتلثم ويلقيها المسبولة؛ وبكرة وخير.
ما طلعت شمس نهار تالي؛ إلا و(زنبيل الفتنة) ركبته في ركبة الشيخ، سلّم في خشمه وغرّز عقاله بالبعيثران والسذاب، وقبل ما يحط جنبيته؛ قال؛ إلا وغير؛ فقال الشيخ ؛ على سعتك بعد يمديك، نتفاول؛ وعذ بالله من العجلة، وانفرط يسرد للشيخ مواقف أجداد أبو شنب من بيت الشياخة، وكيف جدّتهم فرّعت جده بالرمادة، يوم قال لها؛ تحاشي على سماينك من عين ابن حرام؛ كان الشيخ يستمع، ويهز رأسه، وأضاف (زنبيل الفتنة) بيتكم يقري الضيف بسُبل النجادى؛ وهم ضيافتهم بسماين جدتهم، فسأل الشيخ (زنبيل الفتنة) تحسبني باضيق؟ ربعي جنبي المتين، وأنا لباس الجنب يا مسكين، والشيخ يرز ربعه؛ وربعه يرزونه، فاستقام الزنبيل وهو يردد؛ عساك ما تنكف؛ أربني خشفت صحفتك؛ والا تكون صرفتي عندك، من تشتريه بوجبة، يبيعك بلقمة.
استقعد الشيخ بعدما كان متمدداً؛ ثم قال اعلمني يا زنبيل الشرّ؛ ليش ماخذت لك قلب؛ فمع كثرة ما قبّعك ربي؛ إلا إنك ما تبت، تنثّر قبوسك وتعوّد فوقك، وتطرطش على الناس وعروقك في الطيغه؛ وصدق القائل (كايديني شققي الخصف)؛ فلقاه ظهره، وخرج من بيت الشياخة؛ بعدما خلى الشيخ عشره ثمان؛ وقام يهرج نفسه؛ يا ليت المعلّم ارتاح من التعليمه؛ وبدع (بغى ينير درب واعمى دلايله).
دخل الفقيه البيت، وزوجته على المصلاة، فقال؛ ادخلوا من عراقيبها؛ إن كان كلما دخلت عليها قامت تراكع؛ فقطعت صلاتها؛ وقالت؛ عليّ اسم الله، ومحمد حبيب الله؛ ماهوب انت كل جمعة تقول الصلاة عماد الدين فوق منبرك، فقال؛ أنا أحدّث للجماعة ما حدّثت لك؛ وطلب منها؛ تبدي من فوق الرص؛ وتنادي زوجة (أبو شنب) وتقول الفقيه يطلبه ذا الساع؛ حضر أبو شنب؛ منكّس برأسه، فطلب منه يجلس؛ وسأله وش فادك به (زنبيل الشرّ) ترى مَنْ نمّ لك نمّ عليك؛ ومن أكثر التلفات يدور به رأسه، وأضاف؛ يا الوقاية يتوقون بك الهذاميل اللي مثلك؛ وأنت لا نارك تحرق شيخك، ولا مايك يغرقه.
استيقظ أبو شنب جُهمة، وتحرى الشيخ أسفل الدرج؛ من صباح العالمين، فما خرج له كالعادة، ولفت انتباهه إن الجماعة ناس طالع، وناس نازل، فتخشّب في مكانه.
ما أمداه يتخطى العتبة؛ إلا و(زنبيل الفتنة) يشده من قفاته، لزمه بيده اليسار، ومشى به إلى أن وصل مرباطة الحمير؛ تحت فئ السدرة المظللة حيزاً من السوق، فطلب منه يلف له سيجارة، و مع نفخ الدخان؛ قال فيك من حفظ السر؛ فقال (أبو شنب) أفا؛ السدّ يعنى الله؛ قال؛ شيخك اللي تتمدح به، ظلم جدك، واحتاق عليه محرثة نهار؛ وآخرتها ليلة اللعب في بيت مرزوق؛ يوم قال الشاعر (الحبلة ذا خُصلها بين ناهب ومنهوب؛ زبيبها راح للسمار وتفكهو به) ساعتها أركبك اللمح وهو يضحك؛ فسأله؛ وش في القصيدة؟ فجاوبه؛ يقصد حرمة تزوجها جدك الله واليها؛ وكان ريقها حالي، وبعدما تيقن أنه شحن (أبو شنب) وعبّاه على الشيخ؛ قال منين تسمع، تراك لا شفتني ولا شفتك.
عوّد (أبو شنب) لدكان حميد وخاطره متخبّث؛ عجز أن يستوفي مقاضيه. فلقط سفرته، ويمم نحو القرية، ومن شدة انفعاله كانت زنوبته تقتش الحجارة من الحيلة؛ وتحاذف بها وهو ما يشعر؛ وقف في طرف الوادي؛ يريق الما؛ وما ارتد ثوبه؛ إلا والشيخ وراه صادر على حمارته؛ فاستوقفه، ولزم بخطام المشدود؛ وقال بصوت مسموع؛ يا كبر فشلتنا معك؛ حمانا مارود؛ وجدارنا مهدود؛ وحظنا منكود؛ وما تأخذ حق جماعتك؛ من جيران السوء اللي يتمهزون بنا، ولا أستبعد إنهم دهنوا سيرك في الغداري، وتحسب ما حد داري، فقال الشيخ؛ ما بتسمع مني ردود في علمك إلا في البيت؛ على دلة قهوة وما قِسم، فحلف ما يدخل بيته؛ بعدما فزر صف جماعته؛ وخلاهم ضُحكة الشامتين، وأضاف؛ وهو مقفّي؛ أرخصتنا لنك ضاري بالرخاصة؛ الله يرخصك.
ساق الشيخ حمارته وواصل مصداره وهو متبسّم؛ ويردد (ما ضرت المقتول طعنة) يا كم جاني من ربعي، لكن ما عد معي غير ربعي جماعة، وحزر في نفسه أن وراء (أبو شنب) حُراش (زنبيل الفتنة) وعندما دخل ساحة البيت؛ ربط الحمارة في صكاك مجاور للمذود؛ واحتط الخُرج من فوقها، ومدّ به لزوجته؛ لتخرج منه المقاضي، وافترش جاعداً في الدرجة؛ وقصّد (وإذا رجعت البيت يدري الله بحالي) فسمعه الفقيه وهو معدّي؛ فقال؛ القهوة راشقة خذ لك فنجال، فأقبل عليه، ومن ملامح الشيخ عرف أن خاطره متكدر، فقال؛ يا شيخنا ودي أشكي عليك من حرمة عندي، فقال؛ خير ما قد خبرتك جيت تشتكي يا فقيه، فقال؛ جدك الله واليها زار أهلها؛ في مندر الفيض، وكانوا راعين حلال؛ ويوم توسّد شيبتكم حطوا قدامه سمن؛ وقطعت عينه في الباب؛ ينتظر التمر، وما ثبّى ولا عبّى إلا والرحيم داخل عليه بصحن تين مقرّش؛ حطه قدامه وقال تخفّس، فانفرجت أسارير الشيخ وضحك لين دمّعت عيونه.
حضرت القهوة، فقال الشيخ؛ ذلحين أنا باشكي عليك، من سفيه تلقاني؛ وأنا صادر وتخزى بكلام يسوّد وجهه، فسأله؛ وش رديت عليه؛ علّق وش رديت عزمته للقهوة وأبى، قال الفقيه؛ ليش ما لطمته؟ فقال وين ألطمه ومشعابه أطول مني! فكاد يضحك الفقيه، ثم قال؛ احلق عارضي إن كان ما وراه (زنبيل الفتنة) فردّ الشيخ؛ أدري ولكن أنا شيخ، ولد شيخ، حفيد شيخ؛ ما احط عقلي بعقل غاوي؛ إن لطمته قالوا يتقوى على ضعيف، وإن خليته يضربني ضاعت هيبتي بين ربعي؛ وإن كان بيرخص شنبه، ما بارخص لحيتي.
انطلق الشنب؛ إلى قرية (زنبيل الفتنة) وأبلغه بما جا، وما جرى منه على شيخهم؛ وقال تراني أغديت ملحه ما يملح وخليت وجهه كما تيه وأشار بثلاثة من أصابع كفه؛ فصفق (زنبيل الفتنة) بكفه على جبهته؛ وسأله بذمتك قلت هذا الكلام؟ قال والله لقلته ثم قلته؛ وشيخك باصم ما يخاصم، وذلحين جيتك تقدّيني؛ وتعلمني وش البُصر في هذي النشبة اللي أنشبتني فيها؛ فعلّق؛ ما عليك زي ما أنشبتك أطلّعك، وأقديت وليتك زدتاه ما شفنا منه ما يسر الخاطر؛ ما هلا يتصيبى ويتطرد العرضات، وأوصاه ؛ يتلثم ويلقيها المسبولة؛ وبكرة وخير.
ما طلعت شمس نهار تالي؛ إلا و(زنبيل الفتنة) ركبته في ركبة الشيخ، سلّم في خشمه وغرّز عقاله بالبعيثران والسذاب، وقبل ما يحط جنبيته؛ قال؛ إلا وغير؛ فقال الشيخ ؛ على سعتك بعد يمديك، نتفاول؛ وعذ بالله من العجلة، وانفرط يسرد للشيخ مواقف أجداد أبو شنب من بيت الشياخة، وكيف جدّتهم فرّعت جده بالرمادة، يوم قال لها؛ تحاشي على سماينك من عين ابن حرام؛ كان الشيخ يستمع، ويهز رأسه، وأضاف (زنبيل الفتنة) بيتكم يقري الضيف بسُبل النجادى؛ وهم ضيافتهم بسماين جدتهم، فسأل الشيخ (زنبيل الفتنة) تحسبني باضيق؟ ربعي جنبي المتين، وأنا لباس الجنب يا مسكين، والشيخ يرز ربعه؛ وربعه يرزونه، فاستقام الزنبيل وهو يردد؛ عساك ما تنكف؛ أربني خشفت صحفتك؛ والا تكون صرفتي عندك، من تشتريه بوجبة، يبيعك بلقمة.
استقعد الشيخ بعدما كان متمدداً؛ ثم قال اعلمني يا زنبيل الشرّ؛ ليش ماخذت لك قلب؛ فمع كثرة ما قبّعك ربي؛ إلا إنك ما تبت، تنثّر قبوسك وتعوّد فوقك، وتطرطش على الناس وعروقك في الطيغه؛ وصدق القائل (كايديني شققي الخصف)؛ فلقاه ظهره، وخرج من بيت الشياخة؛ بعدما خلى الشيخ عشره ثمان؛ وقام يهرج نفسه؛ يا ليت المعلّم ارتاح من التعليمه؛ وبدع (بغى ينير درب واعمى دلايله).
دخل الفقيه البيت، وزوجته على المصلاة، فقال؛ ادخلوا من عراقيبها؛ إن كان كلما دخلت عليها قامت تراكع؛ فقطعت صلاتها؛ وقالت؛ عليّ اسم الله، ومحمد حبيب الله؛ ماهوب انت كل جمعة تقول الصلاة عماد الدين فوق منبرك، فقال؛ أنا أحدّث للجماعة ما حدّثت لك؛ وطلب منها؛ تبدي من فوق الرص؛ وتنادي زوجة (أبو شنب) وتقول الفقيه يطلبه ذا الساع؛ حضر أبو شنب؛ منكّس برأسه، فطلب منه يجلس؛ وسأله وش فادك به (زنبيل الشرّ) ترى مَنْ نمّ لك نمّ عليك؛ ومن أكثر التلفات يدور به رأسه، وأضاف؛ يا الوقاية يتوقون بك الهذاميل اللي مثلك؛ وأنت لا نارك تحرق شيخك، ولا مايك يغرقه.
استيقظ أبو شنب جُهمة، وتحرى الشيخ أسفل الدرج؛ من صباح العالمين، فما خرج له كالعادة، ولفت انتباهه إن الجماعة ناس طالع، وناس نازل، فتخشّب في مكانه.